منتدى قناة شباب tv
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو
معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكراً

ادارة المنتدى
منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير 11110
منتدى قناة شباب tv
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجيل الدخول اذا كنت عضو
معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدى
سنتشرف بتسجيلك
شكراً

ادارة المنتدى
منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير 11110
منتدى قناة شباب tv
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اهلاً بكم في منتدى شباب Welcome to Moontada Chabab TV
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
بنوته

بنوته


رسالة sms * : النص
تاريخے التسجيلے•|~ : 18/04/2011
مُشارڪاتے •|~ : 56
تاريخے الميےلاد•|~ : 13/07/1989
العمےر•|~ : 34

منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير Empty
مُساهمةموضوع: منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير   منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 26, 2011 3:52 am

أهداف التفكير حسبما وردت في القرآن الكريم

إنه لمما يلفت النظر في كتاب الله عز وجل كثرة الآيات القرآنية التي تدعو الإنسان إلى التفكير لتمييز الحق من الباطل، والآيات الكونية لا ندرك جمالها وتناسقها إلا بالتفكير، بل القرآن نفسه لا ندرك علومه وإعجازه إلا بالتفكير، لذلك حرر القرآن العقل من العقبات التي تعوق التفكير السليم، ووضع له المعالم الهادية والأسس الثابتة التي ترشده وتحفزه للتكفير السديد.

وقد وردت في القرآن الكريم كلمة (فكر) مرة واحدة، وكلمة (تتفكروا) مرة واحدة. ولكمة (يتفكروا) مرتين، وكلمة (تتفكرون) ثلاث مرات، وكلمة (يتفكرون) إحدى عشرة مرة، فهذه ثمانية عشر موضعاً، في موضع واحد منها فقط بصيغة الماضي، وفي سبعة عشر موضعاً بصيغة المضارع الدال على الاستمرار في المستقبل، وذلك لأن التفكير هو الذي يحرك جميع نشاطات الإنسان المعرفية، ويهيئ له الاستفادة من الخبرات السابقة، ثم يدفعه للانطلاق من التفكير في المخلوقات إلى التفكير في خالقها عز وجل، فيتولد لدى الإنسان الاعتبار والاتعاظ المؤدي إلى توحيد الله تعالى وخشيته، ثم إلى سلوك إيماني صادق لقوله (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران/ 191].

ولهذا جاءت الدعوة إلى نفس التفكر صريحة في القرآن الكريم، وبأسلوب التحضيض أو الاستفهام الاستنكاري، من أجل التوصل إلى الأحكام الصائبة، المبنية على الأدلة والمقدمات الصحيحة، وجاءت الدعوة أيضاً إلى جميع العمليات العقلية المرتبطة بالتفكير مثل: النظر والبصر والفقه والتدبر والاعتبار والتذكر والعلم، فكلها عمليات عقلية يكمل بعضها بعضاً، ومرتبطة بالتفكير ارتباط الفرع بأصله.

ويظهر هذا الترابط الوظيفي بين العمليات العقلية جلياً في كثير من المقاطع القرآنية التي جمعت بين أكثر من عملية عقلية في مشهد واحد. ولذلك يرى الباحثين أن التفكير عملية شاملة لكل نشاط عقلي يهدف إلى إعمال الفكر في الشيء وتقليبه على وجوهه للوصول إلى حقيقته، وأقصر ما قيل فه (الفكر: ترتيب أمور معلومة لتؤدي إلى مجهول)(1).

وفيما يلي استنباط أهداف التكفير الدينية والدنيوية حسبما وردت في القرآن الكريم:

1) الاستدلال على وجود الخالق سبحانه، وتعميق الإيمان بالله، وتوحيده وإفراده بجميع صور العبادات القلبية والقولية والبدنية والمالية(2).

2) العمل على تمييز الحق من الباطل، من أجل الالتزام بمقتضى الحق الذي اهتدى إليه الإنسان بفكره وصدقه بقلبه(3).

3) الكشف عن السنن الإلهية في بناء هذا الكون، وتفسير الحوادث والظواهر تفسراً صحيحاً لتسخيرها في خدمة الإنسان، وإعانته على القيام بواجب الخلافة في الأرض(4).

4) التعريف على طبيعة الإنسان وأطوار خلقه وخصائصه، وما فيه من الحكمة والإبداع، ثم دراسة النفس الإنسانية وصفاتها والأنماط السلوكية المرتبطة بها، فالنشاط الفكري الداخلي في الإنسان هو الذي يوجه سلوكه وتصرفاته الخارجية(5).

5) الكشف عن السنن الإلهية في حياة المجتمعات البشرية، لمعرفة أسباب قيام الحضارات واندثارها، وأن ذلك محكوم بسنن ونواميس لا تتخلف.

6) التأكد من صدق المبادئ والشعارات والعقائد وجميع الأمور الدينية والدنيوية، لمعرفة مدى صلاحيتها لإسعاد الإنسان في الدارين.

وبهذا ثبت أن دعوة القرآن للتفكر هي دعوة أصيلة ومقصودة وهادفة، وشاملة لمختلف مجالات النشاط الإنساني، بحث يكون التفكير منهجاً وأسلوباً متبعاً في كل شؤون الحياة، وقائماً على النقد والتمحيص والنظر العميق، والتجربة والبرهان، وبذلك تنمو المعرفة، وتترقى الحياة، ويتقدم الإنسان في جميع ميادين العلم والمعرفة.

وقد اشتمل القرآن الكريم على توجيهات عظيمة ذات فائدة كبيرة في مجال تنمية التفكير، ويرى الباحثان أن هذه التوجيهات بعضها لتحرير العقل من القيود المانعة من التفكير السليم، وبعضها لتقرير قواعد أساسية في تنمية التفكير، وفيما يلي الحديث عنها.

المبحث الثاني

تحرير التفكير من العوائق

بين القرآن الكريم العوائق التي تعوق العقل عن التفكير السليم، وحذر منها مبيناً أنها سبب هلا الكثيرين، لأنها حجب كثيفة عن العقل، فيلتبس عليه الحق بالباطل، ويرى العقاد(6) أن أكبر العوائق ثلاثة:

- عبادة السلف التي تسمى بالعرف.

- الاقتداء الأعمى بأصحاب السلطة الدينية.

- الخوف المهيمن لأصحاب السلطة الدنيوية.

ويرى الباحثان ترتيباً آخر لهذه العوائق مع الزيادة عليها، فجاءت هذه العوائق في ترتيبهما كما يلي:

أولاً: التقليد:

وهو في رأي القرطبي(7) قبول قول بلا حجة، فيأخذ المقلد برأي غيره دون أن يتبين دليل من قلده، وقد أجمعت الأمة على إبطال التقليد في العقائد.

وقد ورد في القرآن الكريم ذم تقليد الآباء في حوالي عشرين موضعاً، ويكتفي الباحثان بذكر أولها، وهو قوله تعالى في سورة البقرة [170] (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) وقوة ألفاظ هذه الآية تدعو إلى إبطال التقليد.

ومن الأدلة النقلية على بطلان التقليد:

أ. قوله تعالى في سورة يوسف [81] (وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا) قال القرطبي(Cool في تفسيرها: "فإن الشهادة مرتبطة بالعلم عقلاً وشرعاً، فلا تسمع إلا ممن علم، ولا تقبل إلا منهم".

ب. قوله تعالى في سورة البقرة [111] وفي سورة النمل [64] (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) قال الزمخشري(9) في تفسيرها: (وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين وأن كل قول لا دليل عليه فهو باطل غير ثابت).

[...]

وشر الناس في رأي العقاد(10) هو من يحرم على خلق الله أن يفكروا ويتدبروا بعد أن أمرهم الله بهما، وأنبأهم بعاقبة الذين لا يفكرون ولا يتدبرون، وذلك لأنه يقضي على خلق الله بالحرمان من نعمة العقل والتفكير المؤدي للعلم والصلاح.

وكان أكثر ما يثير أهل الجاهلية هو تسفيه أحلام آبائهم وأجدادهم المقلدين، وقد ورد في القرآن الكريم ذم التقليد بجميع وجوهها، سواء كان تقليداً للآباء ولأعرافهم المتوارثة عنهم، أم كان تقليداً لرأي الأغلبية، وجاءت الدعوة فيه صريحة للمشركين بأن يتفكروا مثنى وفرادى، في قوله تعالى في سورة سبأ [46] (قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ) قال الزمخشري(11) في تفسيرها: (والذي أوجب تفرقهم مثنى وفرادى أن الاجتماع مما يشوش الخواطر، ويعمي البصائر، ويمنع من الرؤية، ويخلط القول، ومع ذلك يقل الإنصاف، ويكثر الإعتساف، وثور عجاج التعصب، ولا يسمع إلا نصرة المذهب).

ثانياً: إتباع الهوى

وهو ميلان النفس إلى ما تستلذه من الشهوات من غير داعية الشرع(12).

وقد وردت كلمة (هوى) ومشتقاتها في القرآن الكريم من أربعين موضعاً كلها في معرض الذم، أولها قوله تعالى في سورة البقرة [87] (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) قال القرطبي(13) في تفسرها: (وسمي الهوى هوى لأنه يهوي بصاحبه الى النار، ولذلك لا يستعمل في الغالب إلا فيما ليس بحق وفيما لا خير فه).

والهوى اذا استحكم ملك على ملك الإنسان قلبه وعقله، وعطل تفكيره، فلا يرى الحق والصواب إلا فيما يهواه، قال تعالى في سورة الجاثية [23] (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ) لهو مطواع لهوى النفس يتبع ما تدعوه إليه، فكأنه يعبده كما يعبد الرجل إلهه، وهو تعجيب لذوي العقول من هذا الجهل(14).

إن الاندفاع بالهوى يشل التفكير السليم، ويقلب ميزان الحق إلى باطل، ويوقف التقدم العلمي، لأن الهوى والعلم ضدان لا يجتمعان، وهذا سر وقوف رجال الكنيسة الأوربية في القرون الوسطى موقف العداء من العلماء ومنهجهم العلمي، ذلك المنهج القائم على التجربة والبرهان، فأفقد رجال الكنيسة مكاسبهم المادية والمعنوية القائمة على الهوى المناقض للموضوعية وللتجرد، وهما من أساسيات البحث العلمي النزيه(15).

ثالثا: الكبر

وهو إعجاب المرء بنفسه، فيرى نفسه أكبر من غيره، ويظهر من نفسه ما ليس له، وينكر الحق ويتعالى عن اتباعه، ولا يكتفي بعدم اتباع الحق، بل يعارضه ويعانده لما يقع في نفسه من الكبر الذي تنعكس آثاره على السلوك، ويعوق التفكير السليم، وقد ورد لفظ الكِبر والتكبر والاستكبار في القرآن الكريم في أكثر من ستين موضعاً على هذا المعنى المذموم، وأول هذه المواضع قوله تعالى في سورة البقرة [34] (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) فكان استكبار إبليس سبباً في الاعتراض على أمر الله ومعاندة الحق.

وقد ضرب لنا القرآن الكريم أمثلة كثيرة لأقوام وأفراد منعهم الكبر عن التفكير السليم، فأنكروا الحق واتبعوا الباطل، ويكتفي الباحثان بالإشارة إلى قصة الوليد بن المغيرة الذي سمع القرآن فأثنى عليه بأنه ما هو من كلام الإنس، ولا من كلام الجن، وإن له لحلاوة. وإن عليه لطلاوة، وإن أعلاه لمثمر، وإن أسفله لمغدق، وإنه يعلو وما يُعلى، فخشي قومه أن يتبع الحق ويُسلم فكلموه في ذلك، فقال: ما هو إلا ساحر يفرق بين المرء وزوجه وولده، فأنزل الله تعالى في حقه عشرين آية [11-30] في سورة المدثر، ويكتفي الباحثان بذكر الآيات [18-25] قول تعالى (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ). فقوله تعالى (إنه فكر) تعليل للوعيد بأشد العذاب في الآخرة لبلوغه بالعناد غايته وأقصاه في تفكيره وتسميته القرآن سحراً(16).

فالوليد أعجبه كلام الله تعالى في القرآن الكريم فأثنى عليه ومدحه، ثم دفعه الكبر لأن ينكر الحق الذي سمعه، ويعطل عقله وتفكيره السليم، فقال في القرآن غير الحقيقة التي اعتقدها أولاً، وحجبها بحجاب الكِبر، وصار عنده اعتداد وركون إلى عقيدة الآباء، وصعب عليه مفارقتها.

وهكذا كل مستكبر يعطل حواسه، وأهمها حاسة السمع، فلا ينتفع بالحق الذي سمعه، ثم يجحده، ويرفض الإذعان للصواب الذي أقر به وتيقن منه(17).

وقد قال تعالى في سورة النمل [14] (وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا) وفي سورة الجاثية [7-8] (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يَسْمَعُ آَيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ).

فالمستكبر يتمادى على كفره، ويتعاظم في نفسه عن الانقياد، ويصر على الضلال بعد سماع الآيات القرآنية الواضحة الناطقة بالحق، وهو أمر مستبعد في العقول السليمة(18).

وبهذا ثبت أن الكِبر عائق كبير أمام التفكير السليم، ومانع قوي ضد الأحكام الصائبة، وهو نقيض الموضوعية والتجرد في البحث والنظر.

رابعاً: الوهم والظن

ورد في لسان العرب(19): توهمت أي ظننت

والظن يستعمل في اليقين والشك، فهو اسم لما يحصل عن أمارة، إن قويت أدت إلى العلم، وإن ضعفت لم تتجاوز الوهم، فيقال علمه بالشيء ظنون: إذا لم يوثق به، والظن المذموم هو الذي لا أمارة عليه، ولا يزيد على كونه وهماً خادعاً وظناً كاذباً، يضاد العلم الصحيح، ويعوق التفكير السليم، وجميع العقائد الباطلة هي من هذا القبيل، لذلك ورد في القرآن الكريم ذم الظن الذي هو ضد العلم اليقيني ونقيض الحق في أكثر من أربعين موضعاً، منها قوله تعالى في سورة يونس [36] (وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا) وقد ذكر القرطبي في تفسيرها(20): (أي ما يتبعون إلا حدساً وتخريصاً في أنها آلهة وأنها تشفع، ولا حجة معهم، وأما أتباعهم فيتبعونهم تقليداً، وفي هذه الآية دليل على أنه لا يكتفي بالظن في العقائد).

وقال الزمخشري(21): (يعني إنما يدرك الحق الذي هو حقيقة الشيء وما هو عليه بالعلم والتيقن لا بالظن والتوهم).

وبما أن الظن المذموم نقيض الحق المتيقن لذلك هو قرين الهوى، قال تعالى في سورة النجم [23] (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ) فما هم إلا قوم قصارى أمرهم الظن والتقليد واتباع الهوى، فعطلوا التفكير السليم، وخسروا العلم الصحيح، وفقدوا الإيمان المؤسس على قواعد اليقين، فالظنون لا اعتداد بها في شان المعارف الحقيقة والعقائد الصحيحة، لأن الظن بفقده الدليل ينقلب شكاً ووهماً لا يجوز الحكم به، يصبح عائقاً كبيراً أمام التفكير السليم.

والقرآن الكريم بمحاربته للظن المذموم وغيره من العوائق إنما يؤسس القواعد الضرورية للتفكير السليم، ويطلق العقل من الأغلال المانعة من التوصل إلى الأحكام الصحيحة والعقائد السليمة.

خامساً: الخرافات وتقديس ظاهر الكون

الخرف: أصله فساد العقل من الكِبر، والخرافة: المستملح من الكذب وما يُتعجب منه(22).

فالخرافات إذن هي تصورات وأفكار باطلة لا دليل عليها، ويتوارثها الناس حتى تصبح بمرور الزمن أفكاراً وعقائد مقدسة لا يجوز التفكير في عدم صحتها، ولا يجوز مخالفتها والخروج عليها، وغالباً ما تؤدي الى تفسير مظاهر الكون والتصرف فيها الى قوي خفية تقديسها وعبادتها اتقاء لشرها، ولهذا السبب عبدت جميع مظاهر الكون، وجاء القرآن بمحاربة جميع الخرافات، فأبطل عبادة الشمس والقمر وسائر الكواكب، وبين أنها وجميع مظاهر الكون مخلوقة ومسخرة يأمر الله خالقها لصالح الإنسان، فقال تعالى في سورة الأعراف[54] (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وقال تعالى في سورة فصلت [37] (وَمِنْ آَيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ).

ولما كسفت الشمس يوم موت إبراهيم ابن رسول الله (ص)، خطب الناس فبين أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تنكسفان لموت أحد، وذلك لأن المنجمين كانوا يقولون: لا ينكسفان إلا لموت عظيم أو نحو ذلك، فأبطل النبي (ص) هذه العقيدة الفاسدة، حتى لا يفتر بأقوالهم أحد، لا سيما وقد وافق موت ابنه إبراهيم رضي الله عنه(23)

ولم يقتصر القرآن على محاربة عبادة الشمس والقمر والكواكب، بل حارب السحر والكهانة والمنجمين والمدعين معرفة الغيب، وحارب عبادة الملائكة والجن والبشر والشجر والحجر أيضاً، من أجل إطلاق العقل في طريق التفكير السليم، ولأن الاعتقاد بهذه الخرافات يجعل العقل فريسة لها، ويصعب عليه الفكاك منها، ويجعل التفكير مكبلاً بأغلالها، وذكر أبو زهرة(24) أن بعض العلماء المأسورين لمثل هذه الخرافات ينسون قواعد العلم ومناهجه حينما يكونون إزاء حوادث السحر، وما ذلك إلا لسلطان الأوهام.

فمحاربة القرآن لجميع صور الوثنية والشرك، وتعرية معبوداتها عن صفة القداسة وعن القدرة في التصرف بمصير الإنسان، والتأكيد على أنها مخلوقة لله ومسخرة للإنسان، كل ذلك من أجل إطلاق الطاقات الفكرية في الاتجاه الصحيح، بل إن هذه المعبودات الوثنية وجميع المظاهر الكونية ستكون هي نفسها خاضعة للبحث العلمي والنظر العقلي(25).

وبما أن هذا الكون محكوم لله تعالى ومسخر للإنسان، فليس هناك أرواح شريرة تحدث الزلازل والبراكين فتدمر ما يصنعه الإنسان، وليست هناك أرواح خيرة تنزل المطر وتنبت الزرع وتجلب الخيرات للإنسان، بل كان ذلك بيد الله الواحد الأحد، وهذه العقيدة الصحيحة لا يتقبلها إلا العقل المتحرر من سلطان الخرافات، ومن الاعتقاد بسيطرة القوى الخفية الغاضبة على الإنسان، تلك العقول الرافضة لتقديس مظاهر الكون هي التي ستكون جديرة بالاكتشافات العلمية التي تسهم في الاستفادة من النواميس الكونية، والرقي بالحياة الإنسانية.

وبهذا اتضح لنا جلياً أن القرآن الكريم بمحاربته لهذه العوائق إنما أراد أن يؤسس القواعد المتينة التي يعتمد عليها العقل في التفكير السليم، وأن من غلب عليه التقليد، أو تحكم به الهوى، أو ركب متن الاستكبار، أو سيطرت عليه الظنون والأوهام، أو عبد مظاهر الكون وصدق بالخرافات المنسوجة حولها، فسيكون عقله معطلاً، وتفكيره مقيداً بأغلال قوية، تمنعه من الوصول الى الحقائق الدينية والمعارف الدنيوية، بل هو أبعد الناس عن الحق، وأقربهم الى الباطل.

المبحث الثالث

قواعد منهجية في تنمية التفكير

التفكير مهارة تنمى بالممارسة والتدرب على توجيه الانتباه، وعلى فهم المعلومات والتفاعل معها، وقد ودرت في القرآن الكريم إشارات ذات دلالة منهجية لتنمية التفكير، وفيما يلي عرض هذه القواعد كما يراها الباحثان:

أولاً: إثارة الدافع للتفكير

التفكير ينشط إذا سبقه موقف انفعالي يحرضه ويدفعه، وقد وردت في القرآن الكريم نماذج لإثارة الدافع الانفعالي المحرض على التفكير السليم، ويكتفي الباحثان بذكر واحد منها كمثال على بقيتها وهو موقف إبراهيم عليه السلام عندما حطم الأصنام وترك الصنم الكبير، ليحرض عقول عابديها على التفكير في ضعفها وبطلان عبادتها، وقد ذكر هذا الموقف في سورة الأنبياء [51-70]، ويكتفي الباحثان بذكر موضع الشاهد [الآيات 62-67] قوله تعالى (قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآَلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ * قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ * قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).

قصد إبراهيم عليه السلام أن يلزمهم الحجة على ألطف وجه يحملهم على التأمل في شأن آلهتهم، ولينبههم على فساد اعتقادهم، لأن ما يتغير لا يصلح للربوبية، فتفطنوا لصحة حجته، وهداهم التفكير السليم الى بطلان الوهيتها، فاعترفوا بظلمهم في عبادتها، فإن من لا يدفع عن نفسه الفأس، لا يدفع عن عابديه البأس، ولا يستحق العبادة، ولذلك ورد في سورة الشعراء [72-74] (قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ * أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ * قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آَبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) فهو استفهام لتقرير الحجة عليهم، لكنهم نزعوا الى التقليد من غير دليل(26).

وقد وردت في القرآن الكريم بكثرة واضحة صيغ الاستفهام الاستنكاري والتقريري والتوبيخي التقريعي، لأنه يشكل دافعاً قوياً لإثارة التفكير، وبخاصة اذا كان موضوع السؤال مما يهم المخاطبين ويمس واقع حياتهم، مثل قوله تعالى في سورة القيامة [36-40] (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى *) وفي سورة النازعات [27] (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) وفي سورة التكوير [8-9] (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ) (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ).

ثانياً: توجيه الفكر من الانتباه الاستسلامي الى الانتباه المقصود

الانتباه الاستسلامي هو التفكير الاجتراري غير الإرادي، الذي تتوارد فيه الأفكار تلقائياً بين أشياء كثيرة دون غرض معين، ولا هدف محدد(27).

ولتدريب العقل على التركيز الفكري بالانتباه المقصود دور كبير في تنمية التفكير، بحيث يصبح تفكيراً استدلالياً مركزاً في مقدمات معينة، موصلاً الى نتائج سليمة، ومحققاً الهدف منه.

وقد ودرت في القرآن الكريم عدة مسالك للتوجيه الفكري الاستدلالي المقصود، فالحروف المقطعة في أوائل بعض السور، والأقسام العظيمة في أوائل بعض السور أو في متنها، كل ذلك للفت انتباه السامعين لما يلقى بعدها، ومثلها لفت الانتباه الى الشيء المألوف المتكرر، لأن الف الشيء وتكراره على نسق واحد قد يكون حجاباً وغشاوة تحجب تركيز التفكير والانتباه إليه، فدعا القرآن الكريم الى التأمل والتفكير حتى في الأمور المألوفة والمشاهد المتكررة، ليتدرب العقل على تركيز التفكير وتوجيه الانتباه القصدي الى كل ما حولنا، فمثلاً قوله تعالى في سورة الغاشية [17-20] (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) فإن الف العرب لهذه المشاهد أنساهم التفكير في عظمتها، وما فيها من إبداع وإتقان دال على عظمة الخالق ووجوب توحيده وعبادته.

فورد مثل هذه المسالك المثيرة للانتباه الفكري المركز المقصود، لهو أكبر دليل على أن التفكير السليم ينمو ويتحسن بالتدرب والممارسة.

ثالثا: تنمية القدرة على التخيل

إن قدرة الإنسان على التفكير السليم تزداد كلما كانت قدرته على التخيل أكبر, والقرآن الكريم يضرب الأمثال ويصور الأمور الغائبة بصورة يتخيلها العقل وكأنما هي مشاهد محسوسة مرئية لمساعدة التفكير على إبطال العقائد الفاسدة، فمثلاً قوله تعالى في سورة الأعراف [40] (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) يجعل الفكر يتخيل استحالة دخول الجمل في ثقب الإبرة، فكذلك استحالة دخول الكافر الجنة.

وقوله تعالى في سورة الحج [31] (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) يجعل الفكر يتخيل أن تمزق نفسية المشرك وتشتت أفكاره وتلاعب الأهواء به كمن مزقت الطير لحمه، ثم هوت به الريح في الحضيض.

وقوله تعالى في سورة العنكبوت [41] (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) يجعل الفكر يتخيل أن ضعف الآلهة والأنداد من دون الله وعدم قدرتها على نفع عابديها كضعف العنكبوت وعدم قدرة بيتها على حمايتها من الأخطار، ولا يقيها حراً ولا برداً.

ومثل هذا ورد في القرآن كثيراً لينمي قدرة الفكر على التخيل والمقارنة، من أجل التوصل إلى الأحكام الصائبة في مجال العقيدة الدينية والأحكام الدنيوية.

رابعاً: تنمية المهارات اللغوية

قال تعالى في سورة الرحمن [1-4] (الرَّحْمَنُ * عَلَّمَ الْقُرْآَنَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، والبيان هو التعبير عما في الضمير بالكلام الواضح، والقدرة على فهم كلام الآخرين "لولا البيان لكان المرء بهيمة مهملة أو صورة ممثلة"(28).

وقد قال الله تعالى في سورة البقرة [31]. (وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) وذلك ليكون بيانه تاماً واضحاً، ثم يلقن أولاده ألفاظ اللغة التي بها يتكلمون ويعبرون عن الأفكار المختلفة.

وبما أن الأفكار والصور الذهنية للأشياء والمعاني الكلية تنمو تجدذ، لذلك ستتولد ألفاظ ومصطلحات جديدة للتعبير عنها، فصارت اللغة برموزها الجديدة خادمة للمعاني. ومعينة على فهمها وإدراكها لضرورة الربط بين الاسم والصورة، وصارت معرفة حدودها واجبة للتمييز بين المسميات التي تقوم بها مصلحة بني آدم(29).

واللغة هي أرقى وسيلة تم توظيفها لخدمة العقل فيما يقوم به من عمليات فكرية، لأن المعاني تظل حائرة في الذهن حتى تستقر في رموز مناسبة، فتثبت وتتبلور وتتركز وتتحدد، وعندئذ يسهل وعيها وتذكرها واستخدامها في التفكير، كما يمكن التعامل بها ونقلها من جيل إلى جيل، ومن هنا ندرك الحكمة في قوله تعالى في سورة إبراهيم [4] (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ) فيستطيع الرسول بالألفاظ المفهومة لقومه أن يبين لهم الحقائق الدينية المنزلة من الله تعالى، ويثير في أذهانهم المعاني والصور، ثم يطلب منهم التفكير فيها، والإيمان بما جاء به.

ولا شك أن نزول القرآن بلسان عربي مبين، إشارة إلى فضل اللسان العربي وقدرته على نقل مراد الله تعالى واضحاً إلى جميع الناس، ودعوة إلى تعلم اللغة العربية وفهمها، لأن القرآن الكريم نزل بألفاظها ومصطلحاتها السليمة، الدالة على المعاني الصحيحة بلا اشتباه، فكلما أتقن الإنسان الغة العربية كان ذلك عوناً له على إتقان مهارة التفكيرة السليم الضرورية لفهم مراد الله تعالى في الآيات القرآنية الكريمة، ولفهم مراد رسوله محمد (ص) في الأحاديث النبوية الشريفة، ثم القدرة على التعبير عن الأفكار ونقلها للآخرين بوضوح تام، والاستماع لهم والمشاركة الفعالة في كل نقاش وحوار بناء للتوصل إلى نتائج فكرية صحيحة، وبهذا يكون القرآن الكريم قد حفظ اللغة العربية، ورسم المنهج المتكامل للتفكير السليم والحكم الصحيح.

خامساً: الإحاطة بجميع المعلومات المتعلقة بموضوع التفكير

الكشف عن العلاقات المختلفة بين الأشياء أمر ضروري للتوصل إلى نتائج صحيحة في الموضوع المراد بحثه، ولكما كانت المعلومات شاملة ومحيطة بالموضوع من جميع جوانبه قبل إصدار الحكم عليه كان التفكير سليماً ومعيناً للتوصل إلى نتائج صحيحة في الموضوع المراد بحثه، ولكما كانت المعلومات شاملة ومحيطة بالموضوع من جميع جوانبه قبل إصدار الحكم عليه كان التفكير سليماً ومعيناً للتوصل إلى نتائج أدق وأحكم، وبمقدار نقص المعلومات يكون التفكير محدوداً وناقصاً، ويكون إصدار الحكم جزافاً وظلماً يستحق العقوبة، لقوله تعالى في سورة يونس[39] (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ). وقوله تعالى في سورة النمل [22] عن الهدهد (فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ) فالإجابة جعلت النبأ متيقناً.

وقد جعلنا الله تعالى مسؤولين مسؤولية كاملة عن وسائل جمع المعلومات في قوله تعالى في سورة الإسراء [36] (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) وفيه إشارة واضحة إلى الاهتمام بهذه الوسائل، لإعانتها على جمع المعلومات الصحيحة وتغذية الفكر بها، ليفحصها ويدققها، ثم يرتب المقدمات السليمة، وليتوصل إلى الأحكام والنتائج الصحيحة.

الخاتمة

أ. النتائج

كشفت الدراسة عن النتائج التالية:

1) ورد في القرآن الكريم ذكر عدد من العمليات العقلية كالتفكير، والتذكير، والتدبر، والفقه، والاعتبار، والقرآن الكريم لم يصنف هذه العلميات ولم يبين درجاتها، وهي عمليات مترابطة متكاملة هادفة، ولذا فإن التفكير يرد في القرآن عملية عقلية شاملة لمختلف أنواع النشاط العقلي للإنسان، وله أهداف دينية ودنيوية.

2) اهتم القرآن الكريم بالحواس كوسيلة من وسائل التفكير اهتماماً كبيراً، ويدل على ذلك كثرة ذكرها في القرآن الكريم، والدعوة إلى توجيهها مقصوداً للإدراك والفهم، والربط بينها وبين العقل والفؤاد في كثير من آيات الكتاب الكريم، وتشبيه الذين يعطلون حواسهم بالأنعام.

3) امتن الله عز وجل في كتابه العزيز على الإنسان بتعليمه البيان، وفي هذا إشارة إلى قيمة اللغة، ودورها في التواصل ونقل المعرفة، ووصف الله عز وجل القرآن بأنه عربي وفي هذا دلالة على منزلة اللغة العربية وخصائص اللسان العربي، وضرورة العناية باللغة، لأنها وسيلة التفكير عن محصول الفكر والنظر.

4) اشتمل القرآن الكريم على توجيهات لتنمية التفكير تتمثل فيما يلي:

أ. تحرير التفكير من العوائق التي تعيق التفكير وهي كثيرة منها: التقليد الأعمى، واتباع الهوى، والظن، والكبر، والأوهام والخرافات. وقد دعا القرآن إلى نبذ جميع هذه العوائق والتخلص منها.

ب. اتباع قواعد منهجية لتنمية التفكير، ومن هذه القواعد:

1- إثارة الدافع للتفكير، والقرآن يحرض على التفكير السليم، ويثير الإنسان كي يفكر فيما حوله.

2- التوجيه المقصود للانتباه، والقرآن يذم الغافلين ويدعو إلى الانتباه المركز المقصود للظواهر والأشياء والتفكير فيها.

3- تنمية القدرة على التخيل، وللقرآن منهجه المميز في إثارة القدرة على التخيل والتصور، ولذلك دور كبير في تنمية التفكير.

4- تنمية المهارات اللغوية: فاللغة ومصطلحاتها روافد التفكير، وكثير من التحسن في التفكير يحدث نتيجة لاكتساب المهارات اللغوية.

5- الإحاطة بجميع المفاهيم والمعلومات المتعلقة بموضوع التفكير، والقرآن ينهى عن الحكم المتسرع قبل الإحاطة بالأمر من جميع جوانبه.

ب. التوصيات

في ضوء النتائج السابقة فإن الدراسة توصي بما يلي:

1- ضرورة إعادة النظر في أساليب تعليم وتعلم القرآن الكريم، وعدم الوقوف في تعلم القرآن عند مجرد إتقان الطلاب للتلاوة والحفظ، بل لا بد من أن يجمع إلى ذلك الفهم والتدبر، وأن يشجع المتعلمون على فهم الآيات وإدراك مقاصدها حسب استطاعتهم، من أجل أن يساهم القرآن في تكوين شخصياتهم، وليكون جزءاً أصيلاً في بنائهم الثقافي.

2- ايلاء القضايا المتعلقة بالتفكير والنظر والتدبر في القرآن الكريم اهتماماً أكبر في مناهج التعليم، وإيراد الآيات الداعية إلى استخدام العقل في جميع المناهج الدراسية، والربط بين الجوانب العلمية المختلفة وبين القرآن الكريم، وذلك لإزالة الفصام القائم في المناهج بين العلم والإيمان.

3- الأخذ بالتوجيهات التي تم التوصل إليها في هذه الدراسة من أجل تنمية التفكير السليم كهدف تربوي، وأخذ هذه التوجيهات والمبادئ بعين الاعتبار عند صياغة المناهج التربوية، وبخاصة للمراحل الدراسية الأولى.

4- تبني الاتجاه العلمي في التفكير، واعتماد منهج البحث العلمي التجريبي كطريقة في التربية والتعليم، مع ضرورة الانتفاع بالتوجيهات القرآنية في هذا المجال.

5- إجراء دراسات حول أثر السنة النبوية في توجيه التفكير وتنميته.

إجراء دراسات تربوية تستنير بهدي القرآن، وخاصة فيما يتعلق بالقضايا التربوية المعاصرة، وضرورة التأصيل الإسلامي للمعرفة، إذ إن هناك جوانب كثيرة تلتقي فيها التربية المعاصرة مع التربية الإسلامية.

6- حث الباحثين على متابعة الدراسات القرآنية في هذا المجال، لان ما ورد في هذا البحث من تعداد عوائق التفكير السليم بأنها خمس وتعداد قواعد تنمية التفكير بأنها خمس أيضاً هو على سبيل التمثيل وليس للحصر، فيمكن للباحثين الزيادة على ذلك باستنباط عوائق أو قواعد إضافية من متابعة القراءة لكتاب الله تعالى والتدبر في معانيه.





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
مستر حارث
المشرفون
المشرفون
مستر حارث


رسالة sms * : LovE me
تاريخے التسجيلے•|~ : 22/03/2011
مُشارڪاتے •|~ : 709
تاريخے الميےلاد•|~ : 05/08/1993
العمےر•|~ : 30
العملے •|~ : انااااااااااااااااااااااام
الےبَلَد•|~ : منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير Iq10
مزآجے •|~ : منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير 81010
mms : منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير 8

منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير Empty
مُساهمةموضوع: رد: منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير   منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير I_icon_minitimeالثلاثاء أبريل 26, 2011 4:25 am

عاشت ايدج بنوته والله اليوم أمبدعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القرآن الكريم كامل بالصوت للشيخ العجمي
» الإختلاف بين القرآن والإنجيل
» الفرق بين الزوجة والمرأة في القرآن‎ !

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى قناة شباب tv :: المنتديات الدينية :: منتدى الاسلامي-
انتقل الى: